الاستثمار العقاري هو واحد من أقدم أنواع الاستثمارات في التاريخ، الذي ترجع بدايته إلى الوقت الذي قرر فيه الإنسان الأول ترك حياة الجمع والالتقاط التي عاشها في الكهوف وبين الجبال، ليبدأ حياة من صنعه الخالص.
في ذلك الوقت، استثمر الإنسان وقته وطاقته وحتى موارده لبناء بيوت في مواقع مناسبة، تماشيا مع التحول الاقتصادي والاجتماعي من حياة الجمع والالتقاط، التي اعتمد فيها على صيد الحيوانات والتقاط الثمار من الأشجار، إلى حياة الرعي والزراعة.
النمط الجديد للحياة، كان أكثر استقرارا، فقط تطلب من المجتمعات البشرية البحث عن مصادر قريبة للمياه مع بيئة مناسبة للزراعة ورعاية الأغنام بدلا من مطاردتها في الغابات، وبذلك كان على الإنسان بناء منزل.
بمرور الوقت، أدرك الإنسان أن هذا المنزل الذي بناه للإقامة قرب موارد الحياة، أصبح أصلا ثابتا وغاليا، يمكن أن يتوارثه مع أبنائه، ليجد بمرور الوقت أن هذا الأصل يمكن أن تزداد قيمته مقارنة بالمجهود والموارد التي بذلها لتأسيسه.
صحيح أنه حتى ذلك الوقت وبعده لفترة طويلة، لم يتحول العقار إلى سلعة استثمارية بالمفهوم الحالي، لكنه كمأوى، ظل أحد أهم (وربما الأهم على الإطلاق) الاستثمارات الشخصية، والآن بما أن الإنسان أصبح يتاجر في كل شيء ويحوله إلى غرض قابل للتداول والاستثمار، أصبح العقار أحد أعرق الأسواق الاستثمارية.
وهذا يعني أن العقار خرج من مفهومه الحصري كبناء بغرض المأوى إلى منتج بغرض الاستثمار وحفظ القيمة... نعم حفظ القيمة، حيث يعتبر الاستثمار العقاري في عدد من الدول أحد أهم مصادر الاستثمار الآمن التي يمكن ادخار الأموال بها لحمايتها من آثار التضخم الاقتصادي الذي تتآكل معه قيمة الأموال.
لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه آمن تماما من الأخطار، فقد كان التاريخ شاهدا على أزمات حادة وفقاعات استثمارية في هذا السوق، تسببت في تدمير قيمة المدخرات واندلاع أزمات أوسع نطاقا، مثل الأزمة المالية العالمية 2008 التي اندلعت في أمريكا بسبب قروض الرهن العقاري، متسببة بعد ذلك في أزمة اقتصادية ذات تداعيات عالمية.
ما هو الاستثمار العقاري بالضبط؟
الاستثمار ببساطة، هو كما يعلم الجميع؛ عملية يتم من خلالها توظيف الأموال والمدخرات بشكل يحقق مكاسب للمستثمر، وهو ما ينطبق تماما على الاستثمار العقاري.
شرح الاقتصاد
SHUTTERSTOCK
ما هو الاقتصاد؟ وكيف يعمل لتحقيق رفاهية الشعوب؟
ويكون ذلك عن طريق، تحقيق عائدات دورية مثل الأرباح أو الفوائد، أو عن جني مكاسب رأسمالية مثل زيادة قيمة الأسهم أو العقار نفسه بعد فترة من الزمن، وربما يكون الاستثمار – كما ذكرنا بالأعلى – بغرض الحفاظ على قيمة الأموال من التضخم أو الأزمات، وربما فقط يكون من أجل الأجيال القادمة.
يبدوا أن الاستثمار العقاري، بخلاف ما يعتقده البعض لا يتمثل في شراء وحدة سكنية، ويأخذ أشكالا عديدة يمكن أن تحقق مكاسب أكبر للمستثمر، وهذا ما سنتعرض له بالضبط في هذا التقرير المفصل.
نبذة تاريخية عن الاستثمار العقاري
رغم أنه أصبح من الشائع الاستثمار في العقارات خلال العقود القليلة الماضي، إلى أن تاريخ هذا الاستثمار يعود – كما ذكرنا – إلى أزمان بعيدة، حيث تحديد أقدم تاريخ مسجل لملكية العقارات عبر رسومات الكهوف، وفقا لشركة "شيرمان بريدج" الأمريكية للتمويل العقاري.
ورغم أن هذا الأمر مثير للخلاف وقد يكون غير صحيح، فإن المؤرخين يتحققون بالفعل مما إذا كان من الممكن أن يكون البشر تبادلوا العملات أو الموارد قديما بحثا عن مأوى.
على أي حال، وبعيدا عن تصور الأسلاف لهذا النشاط، كان بيع العقار لتحقيق مكاسب مالية، هو القوة الدافعة لتطور السوق، وأصبح تطوير وتسويق العقارات وسيلة شائعة للدخل وكان شائعا إلى حد ما في جميع أنحاء العصور الوسطى.
وأصبحت ملكية العقارات رمزا للثروة وكانت إحدى الطرق الأساسية للأثرياء لضمان أصولهم. وفي الغرب ازدهر سوق العقارات ثم انتقل مع المستعمرين الأوروبيين إلى الولايات المتحدة، التي حول رجال الأعمال بها هذا القطاع إلى آلة لصنع المال.
تطبيق اراضي